يا سيدي لم احزن لأنك سرقت حذائي وجعلتني ارجع الى بيتي ب"شبشب" تصدق علي به بعض المحسنين في "مسجد الرحمن" ، لكني حزنت اشد الحزن لأن يوم سرقتك لحذائي جاء في نفس يوم مناسبتين عزيزتين ، الأولى هي ذكرى انتصار حزب الله على عربدة اسرائيل والثانية هي يوم احتفال صديقي الغالي عبد العزيز وقرينته بإسبوع مولودتهم الجميلة "ملك" وكنت للتو مغادر أنا ورفيقي عصام حفلهم الميمون وقررنا أن نعرج على المسجد لأداء صلاة المغرب
لك الشرف يا سيدي أنك أول إنسان في هذه المعمورة يسرق حذاءا مني "على غفلة" بعد 39 سنة من العمر ، اعترف أنك فنان وأعترف ايضا أنك صاحب "ذوق رفيع" ، لكني ، واسمح لي بذلك ، أعترف أمام التاريخ وقدام شموخ أبو الهول أنك مبتذل ومريض وإني على يقين أنك "سوسة تافهة" في جسد طيب جميل
علمت أنك سرقت حذائي مباشرة بعد أن اكملت وضوئي ، لأني نظرت الى مكانه صدفة ولم اجده ، ولتعلم أني صليت وأنا مبتسم ضارع الى الله ، وكأن حالي يقول "الحمد لله ... كفارة" ... الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه
لعلك ظننت أن من حقك أن تسرق حذاءا "يبدو" أن صاحبه "برجوازي عفن" ويملك أن يشتري مثله وأحسن ، اقول لك أخطأت فصاحبه اشتراه من عرق جبينه وكلفه ثمنا لا بأس به، وكلفه ايضا جهدا مضنيا لإختياره، فصاحبه يرتاح به لأنه يمضي وقتا طويلا جدا في عمله ليكسب قوته
بعملتك تلك (التي استغرقت ثواني معدوده) كلفتني ثمن يوم ونصف من العمل ، يومي يا سيدي قد يستغرق احيانا 12 الساعة من عمل ، معضمها مشيا ومتابعة ... لذلك كان ذلك الحذاء عزيزا ، لأنه كان مريحا وودودا مع قدمي
نعم، اخاطب ضميرك ... لعلك تدرك أن الناس "يقدرون" اشيائهم ، حتى لو كانت احذية
يا سارقي ، اسوأ ما عملته هو أنك أضفت هما أخر على هموم ومشاغل حياتي وهو هم المحافظة على حذائي وأنا متوجه لبيت من بيوت الله لأداء الفريضة
في المرة القادمة سأحرص أن أوزع حذائي بين مكانين حتى احرمك من متعة الاستيلاء على ممتلكات الاخرين.
أخيرا وليس أخرا ... إن كان حذائي لإستخدامك الشخصي لأنك لا تملك واحدا أو إن كان ثمنه يسد "حاجة مفيدة" فقد سامحتك ... ومبروك ... لكن إن كان لغير ذلك فلك أن تقدر حجم اللعنة
وفي النهاية لا يسعني إلا أن اشكر كل القائمين على "مسجد الرحمن" في منطقة امبابة وكذلك المصلين الذين ابدوا كرما اثلج صدري وهون مصابي ، تلك هي شيم أهل المحروسة كما عهدتهم خلال فترة اقامتي معهم ، وجزيل الشكر ايضا لحارس المسجد الذي اصر على أن لا اغادر المسجد حافي القدمين ومنحني نعالا